سورة الأنعام - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (6)}
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا} حض للكفار على الاعتبار بغيرهم، والقرن مائة سنة، وقيل سبعون، وقيل أربعون {مكناهم فِي الأرض} الضمير عائد على القرن، لأنه في معنى الجماعة {مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ} الخطاب لجميع أهل ذلك العصر من المؤمنين والكافرين {وَأَرْسَلْنَا السمآء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً} السماء هنا المطر والسحاب أو السماء حقيقة، ومدراراً: بناء مبالغة وتكثير من قولك درّ المطر إذا غزر {فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ} التقدير: فكفروا وعصوا فأهلكناهم، وهذا تهديد للكفار أن يصيبهم مثل ما أصاب هؤلاء على حال قوتهم وتمكينهم.


{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
{وَقَالُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} حكاية عن طلب بعض العرب، وروي أن العاصي بن وائل، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود والأسود بن عبد يغوث قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لو كان معك ملك {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر} قال ابن عباس: المعنى؛ لو أنزلنا ملكاً فكفروا بعد ذلك لعجل لهم العذاب، ففي الكلام على هذا حذف، وقضي الأمر على هذا: تعجيل أخذهم، وقيل: المعنى لو أنزلنا ملكاً لماتوا من هول رؤيته، فقضي الأمر على هذا: موتهم {وَلَوْ جعلناه مَلَكاً لجعلناه رَجُلاً} أي لو جعلنا الرسول ملكاً لكان في صورة رجل لأنه لا طاقة لهم على رؤية الملك في صورته {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} أي لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم وعلى ضعفائهم، فإنهم لو رأوا الملك بصورة إنسان قالوا: هذا إنسان وليس بملك {وَلَقَدِ استهزىء بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ} الآية: إخبار قصد به تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما كان يلقى من قومه {فَحَاقَ} أي أحاط بهم، وفي هذا الإخبار تهديد للكفار.


{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)}
{قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض} الآية: حض على الاعتبار بغيرهم إذا رأوا منازل الكفار الذين هلكوا من قبلهم {ثُمَّ انظروا} قال الزمخشري: إن قلت أي فرق بين قوله: فانظروا وبين قوله: ثم انظروا؟ قلت: جعل النظر سبباً عن السير في قوله: فانظروا. كأنه قال: سيروا لأجل النظر، وأما قوله: فسيروا في الأرض ثم أنظروا: فمعناه إباحة السير للتجارة وغيرها من المنافع، وإيجاب النظر في الهالكين رتَّبه على ذلك بثم، لتباعد ما بين الواجب والمباح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8